مأساة مسجد (نور) في نيوزيلندا، وأربع لفتات
مأساة مسجد (نور) في نيوزيلندا، وأربع لفتات
1- لا شكّ أنّ القتل الجماعي المرتكب في مسجد نور، بتأريخ (15/3/2019) كان عملاً إرهابياً بامتياز، تكذيب آخر للدعاية الحاقدة التي حصرت الإرهاب في أهل الإسلام!
وإنما أقول: كان عملاً إرهابياً بامتياز، لأنّ استهداف المواطنين المدنيين والمسالمين إرهاب و جريمة ولكن ارتكاب مثل هذه الجريمةمن قبل شخص مستند إلى دولة، إزاء قلّة من اللاجئين أو ممن يطلق عليهم الضيوف: هو إرهاب و جريمة كبيرة.
2- كان موقف حكومة نيوزيلندا و رئيس وزرائها، مبعث السرور و السلوان للجميع، حيث اتخذوا موقفاً مسئولاً وإيحابياً وتضامنيّاً مع أهل المأساة، وبالأخص عندما شاركوا اليوم (15/رجب/1440هـ – 22/3/2019م) في صلاة الجمعة مع المسلمين، وبثّوا مراسيم صلاة الجمعة عبر جميع تلفزيونات الدولة.
لا شكّ أنّ هذا الموقف جدير بالشكر و التقدير.
3- الذين يرون أنفسهم أقوياء وليست لهم عقدة الشعور بالنقص يتعاملون بتسامحٍ ورحابة صدر وتواضع تجاه الآخرين من دون الشعور بالحرج، كما فعلت الحكومة النيوزيلندية.
لكن الضعفاء من الناحية المعنوية أو الماديّة أو كلتيهما، يعتقدون أنهم يجب أن يكونوا مُتشَنِّجين ومنغلقين و متعصِّبين مع الآخرين، كي يُظهِروا أنفسهم أقوياء!
4- أعتقد أّنّ ذلك هو السبب لما سمعته عدّة مرات عن أشخاصٍ -يتحدّثون للناس عن الإسلام بنظرهم- ينتقدون كلامي الذي قلت فيه: أن الناس مهما كانت أديانهم و عقائدهم، تربطهم رابطة الأخوة من حيث النّسب الإنساني فهم أحفاد أبٍ و أمٍ، وأسرة واحدة، كما يقول الله عَزّ وَجَلّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ..) النساء/1.
كما استعمل سبحانه وتعالى في القرآن الكريم كلمة (أخوهم) لكلّ من الأنبياء: (نوح، وهود، وصالح ، ولوط) “علیهم الصلاة والسلام” مع أقوامهم الكافرة: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106)}…{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124)}…{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142)}…{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161)} سورة الشعراء.
ولاريب في أنّ المراد هنا هو الأخوّة القومية والأخوَّة النسبيّة الإنسانية، وإلاّ فلا وجود للأخوة الدينية بينهم!
آمل أن نسعى جميعاً لفهم الإسلام بصورة أعمق و أوسع، وأن نرتقي بأنفسنا إلى مستوى الإسلام الرفيع من حيث السلوك و المواقف والتعامل مع غيرنا، كي نسجّل النقاط للإسلام وليس عليه، وأن نقدّم وجه الإسلام المشرق، لا أن نشوِّهه، ونقزِّزه بجهلنا وفهمنا السطحي وغير الناضج للإسلام.